التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير 1 وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا 2 ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا 3}

صفحة 4147 - الجزء 6

  ورابعها: ما لا يصح تظاهره ولا يمكن تأويله إلا بما فيه تعسف، فوجب أن يرد، ونحن نذكر جملة ذلك، ونشير إلى الوجوه، وروى حديث المعراج الحسن وحذيفة وأم هانئ وجماعة، والأكثر أن ليلة المعراج كانت في الليلة التي أسري به إلى بيت المقدس، ولا خلاف أنها كانت بمكة.

  · المعنى: «سُبْحَانَ الَّذِي» يعني سبحان اللَّه، وفيه معنى التنزيه والتعظيم، والتعجيب، كأنه قيل: عجباً ممن أسرى بعبده، عظم قدر من فعل ذلك {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيلاً} أي: في بعض الليل، قيل: قبل الهجرة بسنة، كانت ليلة الإسراء، عن مقاتل. «مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ» أي: الكعبة والمسجد، قيل: كان الإسراء من نفس المسجد الحرام، عن الحسن، وقتادة وغيرهما، وقيل: كان من بيت أم هانئ بنت أبي طالب، والحرم كله مسجد، والأول أظهر، لأن الحقيقة أن الإسراء كان من نفس الْمَسْجِدِ الحرام، إلى المسجد الأقصى. يعني: بيت المقدس، وهو مسجد سليمان بن داود @، عن الحسن، وغيره من أهل العلم، وسمي المسجد الأقصى لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام «الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ» قيل: بالثمار ومجاري الأنهار، وقيل: سمي مباركاً لأنه مقر الأنبياء، وفيها مهبط الملائكة، وفيه يحشر الناس يوم القيامة، عن مجاهد. «لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا» من عجائب حججنا التي فيها اعتبار «إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ» لأقوال من صدقك أو كذبك، عليم بما في الضمائر يجازي بحسبه، وقيل: سميع لدعائك، بصير بك وبإسرائك في هذه الليلة فيحفظك، ولا يضرك شيء، وقيل: هو سميع بصير لأن الإله هو من يكون سميعاً بصيرًا، لا كمعبود هَؤُلَاءِ المشركين لا يسمع ولا يبصر، ذكر الوجوه الثلاثة أبو مسلم. «وَآتَينَا» أعطينا «مُوسَى الْكِتَابَ» يعني التوراة «وَجَعَلْنَاهُ» يعني الكتاب «هُدًى» ودلالة وبياناً «لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا» قيل: شريكاً،