التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير 1 وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا 2 ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا 3}

صفحة 4148 - الجزء 6

  عن مجاهد، وقيل: رباً، عن ابن عباس، وقيل: من يتوكلون عليه في أمورهم فإني كافلهم، عن أبي علي، وقيل: كفيلاً، لأنه تكفل بإنصاف المظلوم من الظالم، وإثابة المطيع، وعقوبة العاصي «ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ» أي: أولاد من حملنا مع نوح، فأنجيناهم من الطوفان في السفينة «إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا» قيل: نوح كان عَبْدًا شَكُورًا، كان يشكر إذا لبس ثوباً، أو أكل طعاماً، أو شرب ماءً حمد اللَّه وشكره، وقال: الحمد لله، فسمي شكورًا، وقيل: كان قائماً بطاعة الله، عن الحسن، وهو الوجه، لأن نفس القول ما لم تنضم إليه الطاعة لا يعتد به، وقيل: موسى كان عبداً شكورًا، لأنه جرى ذكره، وقيل: كان محمد ÷ عبداً شكورًا لأنه افتتح هذه السورة باسمه، وقيل: يجوز أن يرجع إلى الكل، لأن كل واحد منهم كان عبداً شكورًا، وقيل: الأول الوجه، لأنه نسق الكلام واسم نوح أقرب إلى الكناية.

  · النظم: يقال: كيف يتصل قوله: {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} بما قبله من حديث الإسراء؟

  قلنا: فيه وجوه:

  أحدها: قيل: فيه بيان لقدرته وعلمه بالمصالح، فكما أسري بمحمد كذلك آتى موسى الكتاب وناداه، وجعل في الكتاب دلالة، ثم فسر ذلك بأن لا تتخذوا، عن أبي مسلم.

  وقيل: كما أراك الآيات أرى موسى الآيات.

  وقيل: كونك نبياً ليس ببدع، فقد أعطيناك معجزة كما أعطينا موسى، فَلِمَ أقروا به وأنكروا أمرك، والطريق فيهما واحد.