التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير 1 وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا 2 ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا 3}

صفحة 4150 - الجزء 6

  ومنها: أنه سار في وقت يسير مسافة بعيدة حتى روي أنه خرج إلى بيت المقدس وبين المسجدين مسيرة شهر، وصلى ثم عرج به إلى السماوات وهي في البعد على حد عظيم، ثم رجع في بعض الليل.

  ومتى قيل: كيف يتصور هدا؟

  قلنا: إنما يتعجب منه من لا يقر بقدرة اللَّه تعالى، ونحن نقول: إن جبريل ينزل ويصعد في ساعة، فكيف لا يقر بهذا واللَّه تعالى يسير الشمس في مدة يسيرة المسافة الكثيرة.

  ومنها: أنهم لما سألوا في أخبار بيت المقدس أري ذلك وهو بمكة ينظر إليه ويصفه لهم، وأبو بكر يقول في كل ذلك: صدقت، فسمي صديقاً.

  ومنها: أنه رأى في طريقه أشياء وأخبر قومه بذلك، وبمجيئهم فكان كما قال إلى غير ذلك من المعجزات الكثيرة.

  قصة المعراج رواها أنس، وأبو هريرة، وجابر بن عبد اللَّه، وابن عباس، وحذيفة، وابن مسعود، وعائشة، وأم هانئ وغيرهم عن النبي صلى اللَّه عليه، وزاد بعضهم ونقص بعض، وجميع ذلك لا يخرج عن الوجوه الأربعة التي ذكرناها.

  أما ما نقطع به: أنه أسرى به على الجملة.

  وأما ما نجوزه: فما روي أنه طاف في السماوات، ورأى الملائكة والأنبياء والعرش، ونحو ذلك.