قوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير 1 وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا 2 ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا 3}
  وأما ما نتأوله من أنه رأى الجنة والنار وقوماً في الجنة، وقوماً يعذبون في النار فنتأول ذلك أنه رأى صفتهم وأسماءهم.
  وأما ما نرّده: ما روي أنه فرض خمسين صلاة القصة بطولها، لأنه تعالى إذا علم المصالح فلا يوجب إلا الأصلح، ولأنه أرحم بعباده من موسى، ولأنه لا يجوز نسخ الشيء قبل وقت فعله. وكذلك ما روي أن النبي ÷ كلم اللَّه جهرة، وأنه رآه، وأنه قعد معه على سريره، ونحو ذلك مما يوجب التشبيه فنحن ننزهه عن ذلك، وكذلك ما روي أنه شق بطنه، وغسل، لأن بطنه كان طاهرًا من كل عيب والاعتقادات لا تطهر بالماء، واللَّه تعالى قادر على إزالة ذلك بغير الماء.
  فأما جملة القصة: فروي أن النبي ÷ قال: «أتاني جبريل وأنا بمكة، فقال: قم يا محمد، فقمت معه، وخرجت إلى الباب، فإذا جبريل معه ميكائيل، وإذا بالبراق فوقا الحمار ودون البغل، خده كخد الإنسان، وذنبه كذنب البعير، وعرفه كعرف الفرس، وقوائمه كقوائم الإبل، عليه رجل من الجنة، وله جناحان في فخذيه، خطوه منتهى طرفه، فقال: اركب، فركبت، ومضيت حتى انتهيت إلى بيت المقدس»، وذكر أشياء رآها في الطريق، يطول ذكرها، قال: «فلما انتهيت إليه إذا ملائكة نزلت من السماء بالبشارة والكرامة من عند رب العزة، وصليت في بيت المقدس»، وفي بعض الأخبار: «بشر لي إبراهيم وموسى في رهط من الأنبياء»، ثم وصف موسى