قوله تعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا 4 فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا 5 ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا 6 إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا 7 عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا 8}
  [الجَنْبُ]، والحصير: الحبس، والحصير: الملِك كأنه محصور بالحجاب، والحصير: البساط أيضاً، والإحصار: أن يحصر الحاج عن بلوغ المناسك بمرض أو نحوه.
  · الإعراب: «لَتَعْلُنَّ» أصله لتعلون بالواو، وكذلك (لتفسدن) أصله بالواو حذفت الواو فيهما لالتقاء الساكنين إذا كانت الواو فيهما ساكنة، والنون الثقيلة نونان أدغمت الأولى وهي الساكنة في الثانية، وكل حرف مشدد مثقل فهما حرفان أدغم أحدهما في الآخر، عن أبي مسلم، واللام في قوله: «لَتَعْلُنَّ»، و «لتفسدن» قيل: لام القسم على تقدير: واللَّه لتفعلن كذا، وقيل: لام التأكيد، عن أبي مسلم.
  ويقال: أين جواب (إذا) في قوله: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ} قلنا: محذوف تقديره: فإذا جاء وعد الآخرة جاء [ليسوء] وجوهكم، وقيل:
  بعثناهم ليسوء.
  و «أكثر» نصب ب (جعلناكم)، و «نفيرا» نصب على التمييز.
  · المعنى: لما تقدم أمره تعالى لبني إسرائيل عقبه بذكر ما كان منهم، وما جرى عليهم، فقال سبحانه: «وَقَضَينَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ» أي: أخبرناهم وأعلمناهم «فِي الْكِتَابِ» قيل: في التوراة، وقيل: على لسان بعض الأنبياء فيما كتب لهم، وقيل: