التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما 23 واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا 24}

صفحة 4188 - الجزء 6

  قلنا: قضى على تقدير قضى بالوالدين إحساناً، أي: أمر، وقيل: قضى على جهة الحذف، ومعناهما متقارب، وروي أن في قراءة عبد اللَّه وأبيّ: «ووصى».

  ونصب «إحساناً» لأنه مفعول.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في سعد بن أبي وقاص، أمره بالبر إلى أبويه، حكاه الشيخ أبو حامد |.

  وقيل: إنه عام، والاعتبار عندنا بعموم اللفظ.

  · المعنى: لما تقدم النهي عن الشرك وخصال العصيان عقبه بالأمر بالتوحيد والطاعات، فقال سبحانه: «وَقَضَى رَبُّكَ» قيل: أمر، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، وابن زيد، وقيل: ألزم وأوجب، عن الربيع بن أنس، وقيل: حكم، وقيل: أوصى، عن مجاهد.

  «أَلَّا تَعْبُدُوا» أحدًا «إِلَّا إِيَّاهُ» يعني لا تعبدوا غير اللَّه «وَبِالْوَالِدَينِ إِحْسَانًا» بِرًّا بهما وعطفاً عليهما «إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا» أي: لو بقي أحدهما حتى ترى ضعفهما وشيبهما مع قوتك وشبابك «فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ» أي: لا تتبرم بهما ولا تضجر، عن أبي علي، وأبي مسلم، والمتبرم يكثر الأف والتف، وقيل: كلمة كراهة، عن ابن عباس، وقيل: الكلام الردي الغليظ، عن مقاتل، وقيل: أف النتن، قال مجاهد: إن بلغا من الكبر ما يبولان ويخريان فلا تقذرهما وأمط عنهما، كما كانا يميطانه عنك صغيرًا «وَلاَ تَنْهَرْهُمَا» أي: لا تزجرهما «وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا» حسناً