التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا 25 وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا 26 إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا 27}

صفحة 4192 - الجزء 6

  دينه ودنياه، وقيل: المسبحين كقوله: {أَوِّبِي مَعَهُ}⁣[سبأ: ١٠] عن عمرو بن شرحبيل، وروي نحوه عن ابن عباس، وقيل: المطيعين من المحسنين، عن ابن عباس، وقيل: المخلصين، عن قتادة، وقيل: الدعاء، عن سعيد بن جبير.

  «وَآتِ» أعط من الإيتاء، وهو الإعطاء «ذَا الْقُرْبَى» يعني أقرباء الإنسان، عن ابن عباس، والحسن. أمر بصلة رحمه، وقيل: أراد قرابة الرسول ÷، عن علي بن الحسين، وروى السدي أن علي بن الحسين قال لرجل من أهل الشام ممن بعث به عبيد اللَّه بن زياد إلى يزيد: أقرأت القرآن؟ قال: نعم، قال: أفما قرأت «وَآتِ ذَا الْقُرْيَى حَقَّهُ»؟ قال: وإنكم للقرابة الذي أمر اللَّه أن يؤتى حقه؟ قال: نعم. وقيل: الأول أولى لاتصاله ببر الوالدين.

  ومتى قيل: إذا كان الوجوب على المكلفين، فلم خص النبي ÷ بالخطاب؟

  فجوابنا: أن الخطاب له والمراد غيره، وقيل: ليكون أدعى إلى مواساتهم من حيث الوجوب، ومن حيث الاقتداء به ~ وآله، وقيل: أراد وآت أيها السامع، أو أيها الإنسان «ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ» حث وهو ما يجب له في القرابة من النفقة وصلة الرحم وغيره، وإذا حمل على قرابة النبي ÷ فحقهم مودتهم وما يجب لهم من التعظيم بقرابة النبي ÷.

  «وَالْمِسْكِينَ» هو الفقير الذي لا شيء له «وَابْنَ السَّبِيلِ» المنقطع عن ماله «وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا» قيل: التبذير إنفاق المال في غير حقه معصية، قال مجاهد: لو أنفق مداً في باطل كان تبذيرًا، ولو أنفق جميع ماله في الحق ما كان تبذيرًا، وقيل: إنفاق المال في غير حقه، عن ابن مسعود، وابن عباس، وقيل: تفريق المال على وجه الإفساد «إِنَّ