قوله تعالى: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا 28 ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا 29 إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا 30}
  والتيسير: التسهيل، وهو المعونة المسقطة عنه مشقة الفعل، واليسر خلاف العسر.
  والحسر: الكشف، يقال: حسر عن ذراعيه يحسر حسرًا إذا كشف عنه، والحسرة: الغم لانحسار ما فات، ودابة حسر إذا كلت لشدة السير لانحسار قوتها بالكلال، ومنه: {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ}[الملك: ٤] والمحسور المنقطع لذهاب ما في يده.
  · الإعراب: «عنهم» الضمير فيه يعود على من تقدم ذكرهم ممن أمر بإعطاء حقهم.
  «ترجوها» لم تجزم، لأنك لم تعطفها بحرف عطف، ولو أدخلت حرف العطف لقلت: ترجها، ولكنه في موضع الحال، كأنه قال ابتغاء رحمة من ربك راجيها، فلما كان ترجو في مكان راج لم يدخله الجزم.
  · النزول: قيل: نزلت الآية في مهجع، وبلال، وصهيب، وسالم، وخباب، كانوا يسألون النبي ÷ ما يحتاجون إليه ولا يجد متسعاً، فيعرض عنهم حياء، فنزل: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ}، وذكر الأصم أنه كان يسكت قبل نزول الآية إذا لم يجد ما يعطيه، فلما نزلت الآية كان يقول: يرزقنا اللَّه وإياكم، وهو قول الميسور.
  وعن جابر قال: بينا رسول اللَّه ÷ قاعداً بين أصحابه إذ جاء صبي، فقال: يا رسول اللَّه، إن أمي تستكسيك درعاً، ولم يكن عنده غير قميصه الذي هو لابسه، فقال للصبي: «من ساعة إلى ساعة نظر»، فقعد، فعاد إلى أمه، فقالت أمه: اذهب فقل له: إن أمي تستكسيك الدرع الذي عليك، فدخل رسول اللَّه ÷ داره وأعطاه قميصه وقعد عرياناً، وأذن بلال للصلاة وانتظر، ولم يخرج، فدخل عليه بعضهم فرآه عرياناً،