التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا 37 كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها 38 ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا 39 أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما 40}

صفحة 4210 - الجزء 6

  يمكنك خرق الأرض وبلوغ الجبال، وهذا مثل ضربه اللَّه تعالى، إنك لا تخرق الأرض تحت قدميك، ولا تبلغ الجبال بتطاولك «كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا» على قراءة الإضافة فكل ذلك كناية عن جميع ما تقدم ذكره من المحسنات والمقبحات من قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ} إلى ههنا، فكأنه قال: جميع ذلك ما كان منها سيئة ومعصية فهو مكروه لله تعالى يكرهها ولا يريدها، وعلى قراءة التنوين فكل ذلك عبارة عما كان في المذكور من المقبحات، كأنه قال: كل سيئه فهو مكروه عند اللَّه تعالى، أي: كل ما أردنا من السيئات فهي مكروهة «ذَلِكَ» الذي ذكرناه وبيناه {مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ} من العلم، قيل: القرآن، وقيل: الدلالات الموجبة للعلم بالمأمور به والمنهي، وغير ذلك من الأخبار والواجبات والمحسنات والمقبحات، وقيل: من الحكمة، أي: المحكم، حكاه الأصم.

  ثم أعاد ذكر الشرك تنبيهاً على عظم حاله، فقال سبحانه وتعالى: «وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ» قيل: لا تعبد معه غيره، وقيل: لا تصفه بالشريك «فَتُلْقَى» أي: إذا فعلت ذلك أيها المكلف ألقيت «فِي» نار «جَهَنَّمَ مَلُومًا» قيل:

  اللوم اللعن والذم، عن أبي علي، وقيل: يلومك اللَّه والملائكة والمؤمنون، وقيل: