قوله تعالى: {وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا 49 قل كونوا حجارة أو حديدا 50 أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا 51 يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا 52}
  أن يجعل الموت إنساناً، وأنكره شيخنا أبو حامد أيضاً، وذكر أن الموت عرض فلا ينقلب جنسه حتى يحله العرض، ثم سأل نفسه فقال: أليس روي أن الموت يصير بصورة كبش ويذبح بين الجنة والنار؟ وأجاب بأن هذا أخبار آحاد عن مثل ضربه لهم لا في التحقيق، فأما ما قاله الأصم ففاسد، لأنه لم يذكر وجهاً للرد، ثم ما ذكر من أنه يجوز أن يصير الموت إنساناً فأوضح فساداً من الأول؛ لأن الموت عند بعضهم ليس بمعنى، وإنما هو إبطال الحياة، ومنهم من قال: إنه معنى، فالعرض لا يصير جوهرًا، ولا الجوهر يصير عرضا، فأما ما قاله شيخنا أبو حامد ففاسد، لأنهم لا يقولون: إن الموت لا يصيبر محلاً للعرض، وإنما يقولون: إن هذا مثل أنهم لو كانوا الموت وهو ما يعظم في القلوب وجاز عليه البقاء لبعثوا، وهلا رضي لهم من الجواب بمثل ما أجاب، على أنه روي عن جماعة من السلف، فإذا أمكن حمله على وجه، وجب أن يحمل على ما ذكرنا «فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا» بعد الموت والبلاء «قُلِ» يا محمد: «الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ» أي: خلقكم.
  فإن قيل: فما وجه الاستدلال بهذا عليهم؟
  قلنا: من وجوه: