التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا 70 يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا 71 ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا 72}

صفحة 4264 - الجزء 6

  {وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبوُنَ}⁣[الشعراء: ٢٢٣] المراد جميعهم، وهذا إذا حمل على أن الإكرام بالنعم الدنياوية.

  ومتى قيل: إذا كان معنى (كرمنا) و (فضلنا) واحداً فقد كرر؟

  فجوابنا: أن (كرمنا) ينبئ عن الإنعام ولا ينبئ عن التفضيل، فجاء بلفظ التفضيل ليدل عليه، وقيل: الإكرام يتناول نعم الدنيا، والتفضيل يتناول نعم الآخرة، وقيل: الإكرام بالنعم التي يصح بها التكليف والفضل هو التكليف الذي عرضه به للمنازل العالية يوم القيامة.

  «يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ» قيل: إمامه نبيه، عن مجاهد، وقتادة، ورواه أبو هريرة مرفوعاً، وقيل: إمامه كتب أعمالهم، عن ابن عباس، والحسن، والضحاك، وأبي العالية، وأبي مسلم. لأنهم يأتمون به ويعملون بما يوجبه ويقضيه، وقيل:

  بكتابهم الذي أنزله اللَّه تعالى إليهم، فيه الحلال والحرام والفرائض، عن الضحاك، وابن زيد. فيقال: يا أهل التوراة، يا أهل القرآن، وقيل: من كانوا يأتمون به من علمائهم وأئمتهم، عن أبي علي، وأبي عبيدة. وقيل: إمامهم عقولهم وشرائعهم، فإن كل أمة قائمة بها، وقيل: بدينهم، فيقال: يا أهل الإسلام، يا أيها اليهود، يا أيها النصارى، عن الأصم. وقيل: بمعبودهم، وقيل: بأمهاتهم، عن محمد بن كعب. وقيل: إنه لثلاثة أوجه: لأجل عيسى وشرفه، ولشرف الحسن والحسين،