التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا 88 ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا 89}

صفحة 4298 - الجزء 6

  · المعنى: ثم بين تعالى وجه الإعجاز في القرآن وصحة نبوته، قال الأصم وأبو مسلم: وذلك يدل على أن الروح المسئول عنه القرآن، لأنه من تمام ما أمر اللَّه به نبيه أن يجيبهم به، فقال: «قُلْ» يا محمد لهَؤُلَاءِ المشركين «لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ» كلهم «وَالْجِنُّ» كلهم «عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ» أي: شبهه في رتبة الفصاحة، ودرجة البلاغة، وحسن نظمه، وجودة معانيه، وخلوه عن لفظ مستخف ومعنى مدخول أو مناقضة بخلاف كلام العباد، عن أبي علي. «لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ» لا يقدرون على ذلك وإن قدروا على الكلام بلغة العرب «وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا» معيناً على ذلك «وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ» قيل: كررنا فيه البينان وما يحتاج إليه، عن الأصم. وقيل: ذكرنا فيه كل صنف من أصناف الدلالات والأمر والنهي والوعد والوعيد وسائر ما يحتاج إليه على اختلافها «مِنْ كُلِّ مَثَلٍ» قيل: من أخبار القرون، وقيل: من كل ما يحتاج إليه من الأمثال والدلائل والعبر والأحكام «فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا» أي: جحودًا للحق وإنكارًا، والمثل يكون الشيء بعينه ويكون صفة الشيء ويكون شبهه.

  · الأحكام: الآية تدل على إعجاز القرآن وأنه تحداهم بمثله، وعجزوا عنه مع حرصهم على إبطال أمره، فعدولهم عن المعارضة الدالة على بطلان أمره مع سهولته إلى الشاق على النفس والمال مع أنه لا يدل على بطلان أمره وهو القتال، دليل على أنهم عدلوا للعجز.