التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا 94 قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا 95 قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا 96 ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا 97}

صفحة 4315 - الجزء 6

  ومتى قيل: كيف يمشون على وجوههم؟

  قلنا: الذي أنشأهم قادر أن يمشيهم على وجوههم، وقيل: يسحبون على وجوههم إلى النار بعد الحساب، عن أبي علي. وقيل: يسحبون على وجوههم إلى الحشر.

  «عُمْياً وَبُكْماً» قيل: عمياً عمّا يسرهم، بكماً عن التكلم بما ينفعهم، صمّاً عمّا ينفعهم، عن ابن عباس. وقيل: يحشرون على هذه الصفة، ثم يجعلون يبصرون ويسمعون وينطقون، عن الحسن، ولذلك قال: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ}⁣[الكهف: ٥٣] وقال {سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا}⁣[الفرقان: ١٢] وقال: {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا}⁣[الفرقان ١٣] وقال هذا حين يقال لهم: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}⁣[المؤمنون: ١٠٨] عن مقاتل. وقيل: يقذفون في النار على هذه الوجوه والصفات، عن أبي علي. «مَأْوَاهُمْ» مسكنهم «جَهَنَّمُ كُلَّمَا» النار «خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا» قيل:

  كلما سكن لهبها زاده اللَّه اشتعالاً وسعيرًا فيكون كذلك دائماً، وخبت: سكنت، عن ابن عباس. وقيل: طفيت، عن مجاهد. وقيل: ضعفت، عن قتادة.

  ومتى قيل: كيف يبقى حيا على تلك الحالة من الاحتراق؟

  قلنا: اللَّه تعالى يمنع وصول النار إلى مقاتلهم، وإنما تؤثر في ظواهرهم.

  ومتى قيل: هل يختلف حال النار؟