التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا 98 أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا 99 قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا 100}

صفحة 4317 - الجزء 6

  ومنها: هداهم إلى الكفر وزينه في قلوبهم، وكل واحد من ذلك منع عظيم لا يقدر العبد على دفعه.

  ومنها: أنه ختم على قلوبهم، فمع هذه الموانع كيف يصح أن يقال: ما منعهم، فدل على فساد قولهم وأن الإيمان فعلهم والكفر فعلهم، والقدرة تصلح لهما، وأنه بين السبيل، وهدى الخلق، وأراد الإيمان، ولم يرد الكفر، فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فعليها.

  ويدل قوله: {أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} على بطلان قولهم في المخلوق، لأنه خلق الإيمان وبعث بشرًا كانوا مؤمنين، بل لو لم يبعث ولو بعث ألف ملك ولم يخلق الإيمان ما كانوا مؤمنين.

  وتدل على جهلهم بالبعثة، وأنه يتبع الأصل لا المصور.

  وتدل على أن بعثة الجنس إلى الجنس أصلح، لذلك قال: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ} الآية.

  وتدل على أن عقاب النار يتصل دائماً، وأنه لا يوجد ثَمَّ تخفيف وراحة، فينبغي للعاقلِ أن يتحرز من ذلك خصوصاً على ما يفوته من نعيم الجنة وطريق النجاة.

قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا ٩٨ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا ٩٩ قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا ١٠٠}