التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا 98 أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا 99 قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا 100}

صفحة 4319 - الجزء 6

  · المعنى: ثم بين تعالى أن ما استحقوا من الوعيد إنما لأجل كفرهم، فقال سبحانه: «ذَلِكَ» يعني ما تقدم ذكره من العذاب «جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كفَرُوا» أي: بكفرهم بِاللَّهِ ودينه وبالميعاد «بآيَاتنا» يعني حججنا الدالة على التوحيد والعدل وإثبات المعاد والجزاء، وقيل: القرآن «وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً» بالية «وَرُفَاتاً» تراباً «أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً» يعني أحياء يوم الحشر، فأجابهم اللَّه تعالى فقال: «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ» أحدثها اختراعاً من غير كلفة في عظمها وشدتها، وقيل: «أَوَلَمْ يَرَوْا» ألم يعلموا، وقيل: أولم يبصروا بأعينهم السماوات والأرض «قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ» لأن من قدر على خلق الأجسام قدر على إحياء الأجسام وإعادة الأموات أحياء وإعادتهم بعد الفناء «وَجعل لَهُمْ أَجَلاً» أي وقتاً، قيل: أجل الموت أو القتل، عن أبي مسلم. وقيل: أجل المعاد وهو يوم القيامة، عن أبي علي. وقيل: لعذابهم وهلاكهم وهو جواب لقولهم: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ} الآية، قيل: في الآية تقديم وتأخير تقديره: أولم يروا أن اللَّه الذي خلق السماوات والأرض وجعل لهم أجل الحياة والموت بقادر على أن يعيدهم. «لا رَيبَ فِيهِ» أي: لا شك فيه وفي إثباته، وقيل: معناه من حقه أن لا شك فيه «فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا» قيل: جحوداً للبعث مع ظهور الدلائل، وقيل: كفراناً للنعم مع وفور النعم.