قوله تعالى: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا 1 قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا 2 ماكثين فيه أبدا 3 وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا 4 ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا 5 فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا 6}
  ونزل قوله: «وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ» في أبي بكر، وعمر، وزيد بن حارثة، وعثمان بن مظعون، أنكروا ما قالت اليهود، عن مقاتل.
  وقيل: «وَيُنْذِرَ» نزل في كعب بن الأشرف.
  · المعنى: «الْحَمْدُ لِلَّهِ» أمر من اللَّه بالحمد على نعمه في الدين، فقال سبحانه: «الْحَمْدُ لِلَّهِ» أي: الشكر لله «الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ» يعني محمدًا ÷ (الْكِتَاب) يعني القرآن «قَيِّماً» قيل: مستقيماً معتدلاً، عن ابن عباس، والضحاك. وقيل: قيماً على سائر الكتب يصدقها وينفي الباطل عنها وهو ناسخ لشرائعها، عن الفراء. وقيل: «قيمًا» أي كالقيم بأمرنا لأنه يلزمنا الرجوع إليه في أمور الدين واتباع آدابه، عن أبي مسلم. وقيل: جعلته قيماً دائماً من حيث يدوم ويثبت إلى يوم القيامة لا ينسخ، عن الأصم.
  ومتى قيل: ما معنى المستقيم في صفة القرآن؟
  قلنا: الذي لا تناقض فيه ولا فساد ولا هزل ولا خلل ولا خلف ولا كذب ولا غير ذلك مما يدخل في كلام الناس.
  «وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا» قيل: ملتبساً، عن ابن عباس. وقيل: مختلفاً حتى يكون بعضه حقًّا وبعضه باطلاً وبعضه صدقاً وبعضه كذباً وبعضه حجة وبعضه شبهة.
  ثم بيّن الغرض بإنزاله فقال سبحانه: «لِيُنْذِرَ» قيل: فيه حذف أي لينذركم «بَأْسًا» كقوله: {يُخَوِّفُ أَوْلِيَاهُ}[ال عمران: ١٧٥] أي: يخوفكم أولياءه، ومعناه لينذر ليخوف «بَأْسًا شَدِيدًا» أي: عذاباً شديداً لمن كفر بالقرآن، وقيل: البأس جهنم، حكاه الأصم. وقيل: البأس الشديد الأخذ الشديد «مِنْ لَدُنْهُ» من عنده «وَيُبَشِّرَ