التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا 9 إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا 10 فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا 11 ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا 12}

صفحة 4355 - الجزء 6

  الطائفة المبطلة، فتعود إلى ما تقدم «أَحْصَى» أي: أحفظ وأصوب قولاً «لِمَا لَبِثُوا» أي: مكثوا في كهفهم نياماً [«أَمَدًا»] غاية.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الفتية هربوا بدينهم إلى الكهف ليسلموا من الفتنة، والقصة إلى آخرها تدل أن هربهم كان لسلامة الدين لا لغرض آخر.

  وتدل على حسن الفرار بالدين إذا خيف الفتنة في بلد، ووجوبه في بعض الأحوال.

  ويدل قوله: «ربنا ..» الآية. على وجوب الاتكال على اللَّه تعالى لمن انقطع واعتزل عن الناس فرارًا بدينه.

  وتدل أحوالهم على معجزات عظيمة، وأنه لا بد أن يكون فيهم نبي.

  قال أبو علي: كان كبير القوم نبياً، وما ظهر كان من معجزاته، فمن ذلك بقاءهم أحياء ثلاثمائة وتسع سنين على حالة واحدة من النوم.

  ومنها: اتصال نومهم.

  ومنها: بقاء حياتهم بلا غذاء.

  ومنها: أنهم كانوا نياماً وصورهم صور المتيقظ.

  ومنها: أنه لم يتغير عليهم صورة ولا ثوب في تلك المدة.

  واختلفوا في سرد أخبارهم اختلافاً كثيرًا نشير إلى جملة وجيزة.