التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا 9 إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا 10 فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا 11 ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا 12}

صفحة 4360 - الجزء 6

  وخيل إليهم أن يومهم كان أطول، وقيل: اشتبه عليهم لأنهم لما انتبهوا لم يتغير في أحوالهم، فظنوا أنهم رقدوا كما كانوا يرقدون، فقال بعضهم لبعض: كم لبثتم؟ قالوا: يوماً أو بعض يوم، ثم أرسلوا تمليخا ليأتي بخبز ويأتي بطعام، فلما مر بباب الكهف رأى الحجارة منزوعة، فتعجب منه ومضى حتى أتى باب المدينة فرأى على الباب علامة أهل الإيمان، فتحول إلى باب آخر حتى دار بالأبواب، ورأى علي جميع الأبواب مثل ذلك، وظن أنه حيران، فقال في نفسه: ليت شعري أما عشية أمس فكانوا يخفون هذه العلامة وإنها اليوم ظاهرة لعلي نائم، فرأى أناساً يحلفون باسم عيسى، فقال: لعل هذا ليس بالمدينة، فسأل عنها، فقيل: أفسوس، فتعجب، وإذا الناس غير ما شاهد، وإذا الأحوال تغيرت، فأخرج الوَرِقَ ودفعه إلى خباز، فنظر فيه وطرحه إلى غيره، ثم نظروا وقال بعضهم لبعض: إن هذا وجد كنزاً، فطالبوه بالكنز، فتحير، ثم أخذوه وجروه، واجتمع الناس وقالوا: ما نعرفه وليس من البلد، وهو حيران ساكت لعله يرى أباه أو أخاه أو بعض أقاربه، وذهبوا به إلى مدبري البلد رجلين صالحين أحدهما أريوس والآخر أسطيوس وهو يظن أنه يذهب به إلى دقيانوس، فجعل يلتفت يميناً وشمالاً والناس يسخرون منه كأنه مجنون، وهو فيما بين ذلك يدعو اللَّه ويذكر أصحابه، فلما انتهى إلى الرجلين وعلم