قوله تعالى: {وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا 19 إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا 20}
  ونظروا فإذا عليهم بقية نهار قالوا: أو بعض يوم، وقيل: بل دخلوا الكهف بعد زوال الشمس وانتبهوا في آخر النهار ثم نظروا أحق ما قالوه أم باطل «قَالُوا» اللَّه أعلم بما لبثتم، وقيل: نظروا إلى أظفارهم وشعورهم فعلموا أن نومهم أكثر من يوم فقالوا: «رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ» وقيل: إن رئيسهم لما سمع الاختلاف بينهم قال ذلك «فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ» أي: أرسلوه، وقيل: تمليخا صاحب نفقاتهم «بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ» هي التي خرجوا منها، قيل: تسمى أفسوس «فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا» أي: لينظر هذا الذي بعثوه إلى أطعمتهم أيها أزكى، قيل: أحل ذبيحة؛ لأن عامتهم كان مجوسياً وفيهم قوم مؤمنون يخفون إيمانهم، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير. وقيل: أنظف، عن الضحاك. وقيل: أجود، عن مقاتل. وقيل: خير، عن قتادة. وقيل: أكثر، عن عكرمة. وقيل: إنهم شرطوا عليه شرطين:
  أحدهما: أن يشتري من أجلِّ الطعام ولا يكون ذبيحة أهل عليها لغير اللَّه أو مغصوب، ولم يعلموا أن أولئك الكفرة تفانوا.
  والثاني: أن يتلطف في الشراء فلا يشعر بهم أحد كيلا يفتنهم، وأخبروا عن أهل البلد عن غالب ظنهم على ما شاهدوا.
  «فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ» أي: بقوت «وَلْيَتَلَطَّفْ» أي: وليرفق في الشراء وفي طريقه ودخوله وخروجه «وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا» أي لا يعلمن بكم أحد من الناس «إِنَّهُمْ»