التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا 27 واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا 28 وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا 29}

صفحة 4400 - الجزء 6

  لهذه الحالة لا حكم بأنه أراد زينة الدنيا، وقيل: أكرم اللَّه تعالى فقراء المؤمنين بأن أمر رسول اللَّه ÷ بأن يختارهم على أشراف قومه.

  «وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا» فيه سبعة أقوال:

  أولها: صادفنا قلبه غافلاً، كقولهم: أحمدناه صادفناه محموداً، قال بعض العرب: قاولناهم فما أفحمناهم، وسألناهم فما أنحلناهم، وقاتلناهم فما أجبناهم.

  وثانيها: أغفلناه نسبناه إلى الغفلة وحكمنا عليه بذلك، كقولهم أكفرناه نسبناه إلى الكفر.

  والثالث: أغفلنا قلبه أي: جعلنا قلبه غافلاً فلا نتعرضه للغفلة.

  ورابعها: شرفناه بنعم الدنيا فجعله سبباً للكفر والفرار من مجالسة الفقراء الَّذِينَ هم أهل الله، عن الأصم.

  وخامسها: خذلناهم لتركهم الطاعة، فكأنه تأوله على طريقة العقوبة لمعصيتهم.

  والسادس: تركه غافلاً لم نسميه تسمية المؤمن كما قال: {كَتَبَ فِي