التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا 27 واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا 28 وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا 29}

صفحة 4401 - الجزء 6

  قُلُوبِهِم}⁣[المجادلة: ٢٢] يقال: غفل إذا لم يكن عليه علامة، ولا يجوز حمله على أنه جعله غافلاً بأن خلق فيه الكفر والغفلة لأنه ذمهم به ولو كان خلقه لما صح ذمهم به، واختلفوا من هو، قيل: أمية بن خلف المخزومي، وقيل: عيينة بن حصين الفزاري، وقيل: عام في جميع الكفار، نهاه عن اتباع مرادهم، وهو الوجه.

  «وَاتَّبَعَ هَوَاهُ» أي: لم يتبع الحق والدليل بل اتبع ما دعته إليه نفسه وشهوته «وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً» قيل: مخالفاً للحق، عن ابن زيد. وقيل: سرفاً، عن مقاتل، وأبي علي. وقيل: ضياعاً، عن قتادة، والضحاك، ومجاهد. أي: ضيع أمره وعطل آياته، وقيل: ندمًا يندم على تفريطه، حكاه أبو علي. وقيل: باطلاً، وقيل: قدماً قدماً في الشر، عن ابن زيد البلخي. وقيل: مجاوزًا للحد، عن الأخفش. وقيل: مقصرًا قد فرط في نظره لدينه، عن الأصم. «وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ» يعني قل يا محمد لهَؤُلَاءِ الكفار هذا الذي تلوته عليكم هو الحق من ربكم وأنزله إليه وبلغته إليكم، فقد أتاكم الحق وظهر «فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ» تهديد وليس بتخيير، أي ظهر الحق، فمن تبعه نجا ومن خالفه هلك، ومن قبل نفسه أُتي، فإن تكفروا فإنا أعتدنا للكافرين كذا «إِنَّا أَعْتَدْنَا» هيأنا «للظالمين» قيل: الكافرين،