التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا 37 لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا 38 ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا 39 فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا 40 أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا 41}

صفحة 4417 - الجزء 6

  خلق ولده من نطفة «ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً» أي: عدلك بأن جعلك بشرًا سوياً، يعني بقلبك من حال إلى حال، وأظهر دلالات الحدث، استدل على صانع حكيم قديم.

  ومتى قيل: فأي وجه في تقليبه في هذه الأحوال في التأكيد حتى ذكره؟

  قلنا: لو كان دفعه لتوهم أنه بالطبع كالكتابة التي يوجدها الصانع من لا يحسن الكتابة فإذا أنشأها حالاً بعد حال دل على صانع عالم مختار.

  ومتى قيل: كيف قال للمقر به كافر؟

  فجوابنا: لإنكار المعاد كما أن اليهود والنصارى كفار وإن أقروا بالصانع.

  ومتى قيل: إذا أنكر المعاد كيف رد عليه الشرك؟

  قلنا: إذا بين أنه القادر على الخلق كان دليلاً على الإعادة.

  «لَكِنَّا هُوَ اللَّه رَبِّي» قيل: معناه لكن أنا هو اللَّه ربي ولا أكفر به، وقيل: فيه تقديم وتأخير تقديره: لكن اللَّه هو ربي، وقرأ الكسائي: «وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً» قيل: لا أشرك في عبادتي أحداً معه، وقيل: لا أدعو معه إلهاً سواه، يعني إن كنت تفاخر بالدنيا فأنا أفاخر بالتوحيد «وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ» أي: هلا إذ دخلت