قوله تعالى: {وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا 56 ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا 57 وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا 58 وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا 59}
  «وقرًا» نصبا بالعطف على قوله «أَكِنَّةً» أي: جعلنا على قلوبهم أكنة وجعلنا في آذانهم وقرًا.
  والضمير في قوله: «أَهْلَكْنَاهُمْ» يرجع إلى أهل القرى.
  · المعنى: لما تقدم أنه لا مانع لهم من الإيمان بيّن تعالى أنه أزاح العلة ولم يبق عذر، فقال سبحانه: «وَمَا نُرْسِلُ الْمُرسلينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ» يعني: نبعث الرسل بالوعد للمحسن وبالوعيد للمذنب المصر، ليزداد المحسن وينزجر الكافر «وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ» أي: يخاصموا «لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ» قيل: ليزيلوا الحق عن قراره، وقيل: ليفسدوا، عن السدي. وهكذا عادة المبطل يجادل ويروم إبطال الحق، وقيل: الحق التوحيد والعدل والقدرة على البعث وجميع شرائع الإسلام «وَاتَّخَذُوا آيَاتِي» حججي «وَمَا أُنْذِرُوا» به وهو القرآن بما فيه من الوعد والوعيد «هُزُواً» أي: يستهزؤون به، والاستهزاء به على ثلاثة أوجه:
  أحدها: دفع الأدلة بالشبهة التي لا أصل لها.
  والثاني: كانوا إذا سمعوا القرآن استعجلوا العذاب إنكارًا.
  والثالث: استخفوا به وبالرسول.
  «وَمَنْ أَظْلَمُ» هذا استفهام والمراد التقرير، يعني ليس أحد أظلم «مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ» أي: وعظ ووعد [ووعيد]، قيل: بالقرآن، وقيل: بسائر حجج اللَّه