التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما 65 قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا 66 قال إنك لن تستطيع معي صبرا 67 وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا 68 قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا 69 قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا 70}

صفحة 4458 - الجزء 6

  نبي بني إسرائيل، قال له موسى: وما أدراك بي؟ ومن أخبرك أني نبي؟ قال: من دلَّك عليّ، وقيل: وصل إليه وهو يصلي، فلما صلى تحدثا، فجاءت خطافة فحملت بمنقارها من الماء، فقال: يا موسى خطر ببالك أنك أعلم من أهل الأرض، فما علمك وعلمي وعلم الأولين والآخرين في جنب علم اللَّه إلا أقل من الماء الذي حملته الخطافة بمنقارها من الماء، وقد أنكر أبو علي أن يكون ذلك العالم الخضر، وذكر أن الخضر من أنبياء بني إسرائيل، وذكر أيضاً أن موسى لا يجوز أن يعلم من غير الوحي.

  واختلفوا في هذا العالم، فقيل: هو الخضر، وقيل: هو لقب واسمه بَلْيَا بن مَلْكَان، وقيل: هو ابن فرعون موسى، عن ابن لهيعة. وقيل: كان عبداً صالحاً، وقيل:

  كان نبياً، عن أبي علي، وهو الصحيح؛ لأنه اختص بعلوم ومعجزات، وعلم موسى ما يجري مجري الغيب، ولأن تعلم النبي ممن ليس بنبي ينفر، وقيل: لم يكن نبياً، عن أبي بكر أحمد بن علي، وليس بالوجه.

  فأما اسمه فيحتمل أنه الخضر وهو الخضر الذي أرسل في بني إسرائيل؛ لأنه كان بعد موسى بزمان، وأبو علي أنكر أن يكون ذلك، فأما الاسم فلا ينكره، والذي يقطع به أنه نبي.

  «آتَينَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا» أي: أعطيناه نعمة منا، قيل: هو الرسالة وما اختص به من المعجزات «وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا» أي: علم الدين والشرع «قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا» عظمه بهذا القول غاية التعظيم