التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما 65 قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا 66 قال إنك لن تستطيع معي صبرا 67 وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا 68 قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا 69 قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا 70}

صفحة 4459 - الجزء 6

  لا يليق إلا بنبي حيث أضاف العلم إليه، ورضي باتباعه، وخاطبه بمثل هذا الخطاب، وسؤال الرشد العلوم الدينية التي ترشد إلى الحق، وقيل: هي علوم الألطاف وما في كل فعل مما يخفى على الناس، وقيل: كان على ما خصه اللَّه به، «قَال» العالم «إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا» يعني يثقل عليك الصبر على ما أظن وعلى ظاهر الحال، وليس هي بنفي الاستطاعة ولذلك قال: «وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا» ولو كان بنفي الاستطاعة لكان أولا يعلمه لا يستطيع «وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا» يعني ما لم تعلمه حقيقة وتراه منكرًا، قال ابن عباس: وكان رجلاً يعمل على الغيب «قَال» موسى «سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا» ولم يقل ذلك تكذيباً له ولكنه أخبر على الظن والظاهر وأجابه بذلك، وإنما علقه بالاستثناء لئلا يكون كاذباً «وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا» تأمرني به «قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ» يعني: فلا تعجل بالسؤال فيما استعجم عليك من الأعمال «حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا» يعني: أكون المخبر بذلك، فشرط موسى من نفسه الصبر وترك التعرض للسؤال.