التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون 140}

صفحة 614 - الجزء 1

  · القراءة: قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي، وحفص عن عاصم: «أم تقولون» بالتاء على المخاطبة، كأنه قيل: أتحاجوننا أم تقولون، وقرأ الباقون بالياء، على أنه إخبار عن اليهود والنصارى، فعلى الأول تقديره بأي الحجتين يتعلقون في أُمِرْنا بالتوحيد، فنحن موحدون، أمرنا باتباع دين الأنبياء، فنحن متبعون، وعلى الثاني: معناه الانقطاع إلى حجاج آخر غير الأول كأنه قيل: أتقولون: إن الأنبياء قبل نزول التوراة والإنجيل كانوا هودًا أو نصارى.

  · اللغة: الأعلم والأعرف: الأكثر معرفة وعلمًا.

  والأظلم والأجور: الأشد ظلمًا، و (أفْعَلُ) إنما يستعمل على وجهين بمعنى الزيادة، كقولهم: أفضل، وبمعنى الصفة كقولهم: أسود، ويصح معناه فيما يقع فيه التزايد، كقولهم: أجسم وأطول وأحسن، وقد قال مشايخنا: الصفات على ثلاثة أضرب: صفة ذات، وصفة تحصل بالفاعل، وصفة تحصل بالمعنى، فالأول ككونه جوهرا أسود، وهذا لا يصح فيه التزايد، والثاني: كالوجود، ولا يصح فيه التزايد أيضًا، فأما الثالث: فعلى ضربين كل معنى له مثل يوجب صفة، فالتزايد في تلك الصفة تصح كالألوان ونحوها، وما لا مثل له لا يصح فيه التزايد، واختلفوا فقال مشايخنا: يجوز وجود مثلين في محل واحد، فعند ذلك يقع التزايد، وقال أبو القاسم: لا يجوز ذلك.

  والغفلة والسهو نظائر، وهو ذهاب المعنى عن النفس. والسهو: فَقْدُ علوم ضرورية، وليس بمعنى في نفسه، وعن بعضهم: إنه معنى، فالأول قول أبي هاشم في بعض المواضع، واختيار أبي إسحاق وابن عباس والقاضي، والثاني: قول المشايخ، واختلفوا فقيل: إنه مقدور لله تعالى فقط، عن أكثر المشايخ، وعن أبي عبد اللَّه أنه مقدور للعباد، إلا أنه لا داعي له إلى فعله.