التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا 78 أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا 79 وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا 80 فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما 81 وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا 82}

صفحة 4471 - الجزء 6

  · الإعراب: «رحمةً» نصب على المصدر أي: رحمه رحمةً.

  · المعنى: ثم حكى تعالى ما بيّن العالم لموسى من وجه المصلحة فيما فعل، فقال سبحانه: «قَالَ» العالم لموسى «هَذَا فِرَاقُ بَينِي وبَينِكَ» قيل: هذا الوقت فراق بيني وبينك، عن الأصم، وأبي علي. وقيل: هذا الذي قلته فراق بيني وبينك، وقيل: لما خرج من الشريطة ثلات دفعات وكان قال في الثالثة: لا تصاحبني إن سألتك عن شيء فأخذ بقوله وأعلمه أنه مفارقه، عن أبي مسلم. «سَأُنَبِّئُكَ» أي: سأخبرك «بِتَأْوِيلِ» بعاقبة ما يؤول إليه «مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيهِ صَبْرًا» أي: ما لم تطاوع نفسك في الصبر عليه «أَمَّا السَّفِينَةُ» فإنما كسرتها لأنها كانت «لِمَسَاكِينَ» أي: فقراء، وقيل: لمجاوع ضعفاء الحال، قال كعب: كانت لعشرة إخوة، خمسة زمنى وخمسة يعملون في البحر، وقيل: كانت في أيديهم إجارة.

  ومتى قيل: لم خص المساكين بالذكر؟

  قلنا: لضعف حالهم وحاجتهم، وقيل: لأنه ربما لا يكون لطفاً لغني.

  «فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَان وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ» قيل: أمامهم، عن قتادة. وقيل: خلفهم،