التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا 83 إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا 84 فأتبع سببا 85 حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا ياذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا 86 قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا 87}

صفحة 4480 - الجزء 6

  والسبب: ما يتوصل به إلى شيء يبعد عنه، ومنه قيل للحبل سبب، لأنه يستقى به الماء، والطريق إلى شيء سبب لأنه يتوصل به إليه، وجمع الشبب: أسباب.

  والحمئة: الطين السوداء، حمئت البئر تحمأ إذا صار فيها الحمأة، وحمأت البئر أخرجت منها الحمأة، وأحمأتها ألقيت فيها الحماة.

  النكر بفتح النون: الدهاء، وبضمها: المنكر، كأنه ينكره العقل والطبع.

  · الإعراب: «ياذا القرنين» نداء مضاف، ذكره الفراء في قوله: «إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ» وفتحت في قوله: «أَمَّا السَّفِينَةُ» لأن في الأول لا يستغنى عن التي بعدها، ألا ترى أنك إذا قلت: ياذا القرنين أما أن تتخذ لم تجز، وفي الثانية تم الكلام عند قوله: «كانت لمساكين» فلذلك فتحت.

  · النزول: قيل: سألت اليهود رسول اللَّه ÷ عن قصة ذي القرنين، وقيل:

  قالوا للمشركين: اسألوه عن ذلك، فأنزل اللَّه تعالى الآيات، عن الأصم.

  · المعنى: ثم بين تعالى قصة ذي القرنين، فقال سبحانه: «وَيَسْأَلُونَكَ» يا محمد، قيل:

  اليهود، وقيل: المشركون «عَنْ ذِي الْقَرْنَينِ» عن خبره وقصته لا عن شخصه لأنه