قوله تعالى: {ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا 83 إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا 84 فأتبع سببا 85 حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا ياذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا 86 قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا 87}
  كان معروفاً عند العرب والعجم، واختلفوا، فقيل: كان نبياً ودلوا عليه بقوله: {قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ}، وقيل: كان عبداً صالحا ولم يكن نبياً، والذي عليه شيوخنا رحمهم اللَّه أنه لا بد أن يكون هو نبياً أو يكون معه نبي لأنه ظهر هناك ما لا يجوز ظهوره إلا على نبي فاحتمل أنه فعل ذلك بأمر النبي، ومنهم من قال: إنه عدول عن الظاهر والظاهر أنه كان نبياً، وعن علي # أنه كان عبداً صالحاً نصر اللَّه فنصره وناصح فنصحه، وقيل: كان ملكاً عادلاً، عن مجاهد، ملك الأرض أربعة: مؤمنان وكافران، فالمؤمنان: سليمان وذو القرنين، والكافران: نمرود، و [بخت نصر]، وليس بشيء لأنهما لم يملكا إلا بعض الأرض «قُلْ» يا محمد: «سَأَتْلُو» سأقرأ «عَلَيكُمْ مِنْهُ» من ذي القرنين «ذِكْرًا» أي: خبرًا تعرفون به صحة نبوة محمد ÷.
  ومتى قيل: لِمَ لم يقص أخبار ذي القرنين؟
  قلنا: لا يمتنع أن يكون المذكور في كتبهم هذا القدر فخبر بذلك القدر ليكون أقوى في الدلالة، ولا يمتنع أن يكون في الصلاح تعريفهم هذا القدر دون الزيادة.
  «إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ» أي: ملكناه وأوطأنا له الأرض «وَآتَينَاهُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ سَبَبًا» قيل: أعطيناه علماً يتسبب به على ما يريد، عن ابن عباس، وقتادة،