قوله تعالى: {حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا 93 قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا 94 قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما 95}
  احتملوه، عن الكلبي. وقيل: معناه مفسدون عند خروجهم، وكانوا يفسدون بالغارة والقتل فلذلك سألوه بالسد، وهو الوجه «فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً» أي: جعلاً نخرجه من أموالنا لك «عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَينَنَا وَبَينَهُمْ سَدًّا» موثقاً لا يقدرون على الخروج منه للفساد، وإنما سألوه ذلك لفا علموا أنه نبي وأن المعجز يحصل على يديه، فـ «قَال» ذو القرنين «مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ» أي: ما مكن اللَّه لي من الأموال والآلات خير، قيل: ما مكني فيه اللَّه من الآلات والأموال خير مما عرضتم، وقيل:
  الثواب الذي وعدني اللَّه على تحمل المشاق خير من الأجرة العاجلة «فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ» قيل: بآلة العمل، وكذلك زبر الحديد والصفر، وقيل: برجال يعينوني بأنفسهم في عمل السد «أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا»، عن أبي علي. وقيل: الردم أشد الحجاب، عن ابن عباس. وقيل: السد المتراكب بعضه على بعض.
  · الأحكام: تدل الآية على أنهم سألوه السد للمنع من الفساد.
  وتدل على أن يأجوج ومأجوج أمة من الأمم، وفيه مسائل:
  أولها: هل هم من بني آدم، واتفق المفسرون والعلماء أنهم من بني آدم، ورووا أنهم من ولد يافث بن نوح، وذكر أبو علي أنهم من جنس الترك والصين غير أنهم اعتزلوا في ذلك الموضع لكثرة فسادهم، ولأنه لا يتمكن الناس من محاربتهم.