التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كهيعص 1 ذكر رحمت ربك عبده زكريا 2 إذ نادى ربه نداء خفيا 3 قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا 4 وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا 5 يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا 6}

صفحة 4518 - الجزء 6

  قرب الموت؛ تلألأ الشيب في رأسي لكثرته، عن ابن الأنباري. وقيل: وصف حاله خضوعاً وتذللاً لا تعريفاً «وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا» قيل: عودتني إجابة دعائي فيما مضى وما خيبتني، فأجبني إذْ دعوتك، ويقال لمن حُرِمَ شيئا: شَقِيَ به، وقيل: لا يشقى العبد بدعائه إذا كان صلاحه في الإجابة أجيب، وإن كان صلاحه في غيره ضمن له خيرًا مما دعا به، إما معجلاً وإما مؤجلاً، فلا يخيب اللَّه أحداً أبداً «وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ» أي: خشيت على الدين أن يبدلوه ويغيروه، وقيل: أن يرث علمي من لا يكون من نسلي، وقيل: أخاف على الدين؛ إذ ليس لي عقب يقوم بحفظه، وقيل: أخاف ألّا يقوموا بنصرة الدين معي كما قاموا بنصرة الدنيا «الْمَوَالِيَ» قيل: الكلالة، عن ابن عباس. وقيل: العصبة، عن مجاهد، وأبي صالح، والسدي. وقيل: بنو العم، وخاف على الدين منهم؛ لأنهم كانوا شرار بني إسرائيل، عن أبي علي. وقيل: الورثة، عن الكلبي. وقيل: أراد شيعته ومحبيه، من الموالاة، خاف ألا يقوموا به بعده «مِنْ وَرَائِي» خلفي «وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا» لا تلد «فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ» أي: أعطني من عندك «وَلِيًّا» أي: ولداً يكون لي ناصرًا على القيام بحفظ الدين في حياتي «يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ» العلم والنبوة والدين، عن أبي صالح. وقيل: يرثني ويرثهم النبوة والعلم، عن الحسن، ومجاهد، والسدي. واختلفوا، فقيل: يعقوب هذا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وقيل: هو أخو زكريا، عن الكلبي،