التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يازكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا 7 قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا 8 قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا 9 قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا 10 فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا 11}

صفحة 4525 - الجزء 6

  مواضع أخر: {بَلَغَنِيَ الكِبَرُ}⁣[ال عمران: ٤٠]؛ لأن ما بلغك فقد بلغته، يعني كبرت وشبت «عِتِيًّا» قيل: خرجت بكبر سني عن حد من يولد له، عن أبي مسلم.

  وقيل: عمرًا طويلاً وقد صرت من الدم يبساً، قيل: كان له بضع وتسعون سنة، عن قتادة «قَالَ» يحتمل أن تكون الملائكة قالت ذلك لزكريا، ويحتمل أنه تعالى قال ذلك، والأول أظهر.

  ومتى قيل: كيف قالوا: «قَال رَبُّكَ»؟

  قلنا: يحتمل أنهم لما سمعوا البشارة تعجبوا من وَلَدٍ من شيخين، فقال اللَّه تعالى: «هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ»، فقالت الملائكة ذلك، أي يا زكريا «كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ» قيل: كذا ينشئ، وقيل: على الحالة التي أنتما عليها قال اللَّه ذلك «هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ» أي: سهل «وَقَدْ خَلَقْتُكَ» يا زكريا «مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا» قيل: لم تك شيئاً مذكورًا، حيا كما أنت الآن. وقيل: كنت معدوماً لا تعبد ربك، فكأنك لم تك شيئاً، وقيل: لم تكن شيئاً موجوداً فأوجدتك «قَالَ» زكريا يا «رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً» أي: علامة للحمل، قيل: أراد أن يعلم وقت الحمل ليتعجل السرور بالولد وبإجابة دعائه «قَالَ آيَتُكَ» علامتك «أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا» قيل: لا يمكنك أن تكلم الناس وأنت سوي سليم، ف (سَوِيًّا) من صفة زكريا، عن أكثر المفسرين. وقيل: من