التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يايحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا 12 وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا 13 وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا 14 وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا 15}

صفحة 4530 - الجزء 6

  مجاهد. وقيل: محبة، عن عكرمة. والحنان: المحبَّب، وأصله: الشفقة والرقة، ومنه: حنين الناقة صوتها إذا اشتاقت إلى ولدها، وقيل: تحنناً على العباد ورقة قلب عليهم؛ ليدعوهم إلى طاعة اللَّه، عن أبي علي. «وَزَكَاةً» قيل: عملاً صالحاً زكياً، عن قتادة، والضحاك، وابن جريج. وقيل: زكاة لمن قبل منه حتى يكونوا أزكياء، عن الحسن. وقيل: زكيناه بحسن الثناء عليه كما يزكي الشهود الإنسان، وقيل: هو طاعة اللَّه والإخلاص، عن ابن عباس. وقيل: صدقة تصدق اللَّه بها على أبويه، عن الكلبي بركة ونماء، وقيل: جعلناه طاهرًا من الذنوب بالألطاف «وَكَانَ تَقِيًّا» أي: مخلصاً مطيعاً متجنباً للمعاصي.

  ومتى قيل: لِمَ أضاف (زكاة) إلى نفسه وهو يصير زكياً مطيعًا بفعله؟

  قلنا: لأنه يحصل ذلك بألطافه وهدايته خصوصاً في تلك الحالة من الصغر، وقيل: لأنه لما أتاه الهدي قبله يحيى.

  «وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ» قيل: بارًا، وقيل: ذو بر وهو اللطف بهما والطاعة لهما، وطلب رضاهما «وَلَمْ [يَكُنْ] جَبَّارًا» قيل: متكبرًا يتطاول على الخلق من غير استحقاق، وقيل: الجبار القتَّال بغير حق «عَصِيًّا» أي: لم يكن عاصياً لربه، ثم بشره بأنه مُسَلِّمٌ على يحيى فقال: «وَسَلَامٌ عَلَيْهِ» قيل: سلامة له في الدنيا من المعاصي وفي