التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا 16 فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا 17 قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا 18 قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا 19 قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا 20}

صفحة 4534 - الجزء 6

  وأصله منبوذ فصرف إلى فعيل، ومنه قيل للقيط منبوذ؛ لأنه رمي به، ومنه النهي عن المنابذة في البيع وهو أن يقول: إذا نبذت إليك الثوب أو الحصاة فقد وجب البيع، والانتباذ اتخاذ الشيء بإلقاء غيره عنه.

  والشرقي: الموضع الذي في جهة الشرق، والشرق: موضع الشروق، شَرَقَتِ الشمس: طلعت، وأشرقت: أضاءت وصَفَتْ.

  والبِغاء: الفجور، بغت المرأة تَبْغِي بِغَاءً بكسر الباء، والمرأة بَغِيٌّ وهُنَّ البغايا، والبَغْيُ بفتح الباء: الظلم، والبغي: الحسد، وأصل الباب: الطلب، والبُغَاءُ بضم الباء: الطلب، ومنه: {غَيرَ بَاغٍ}⁣[البقرة: ١٧٣] وبَغَيْتُ الشيء: طلبته، أَبْغِيهِ، وأبغيتك الشيء: طلبته لك، وأَبْغَيْتُكَ: أعنتك على طلبه.

  · الإعراب: «بغيا» نصب لأنه خبر (كان) وحذف الهاء لأنه مصروف عن وجهه؛ لأنها كانت في الأصل باغية، فلما صرف عن وجهه لم يؤنث كما لا يؤنث قتيل وجريح. وقيل: قال: «بَغِيًّا» لنظم رؤوس الآي، قال الأخفش: فَعِيل للمؤنث يكون بغير هاء.

  · المعنى: ثم عطف قصة مريم وعيسى على قصة زكريا ويحيى $، فقال سبحانه: {وَاذْكُرْ} يا محمد {فِي الْكِتَابِ} يعني كتابك وهو القرآن، وقيل: «في» بمعنى من و «الْكِتَابِ» التوراة، يعني اذكر هذه القصة من كتابهم، فيكون ذلك معجزة