قوله تعالى: {قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا 21 فحملته فانتبذت به مكانا قصيا 22 فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا 23 فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا 24 وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا 25}
  ما إذا قبلوا نالتهم رحمة فهو رحمة، وقيل: رحمة لمن تبعه في دينه «وَكَان أَمْرًا مَقْضِيًّا» أي: محكوماً بكونه فهو كائن لا محالة، وقيل: كان أمرًا قضاه اللَّه وسطره في اللوح المحفوظ، وقيل: «أمرًا مقضياً» أي: مفروغاً منه، وأنه خلق المسيح في بطن أمه، عن أبي مسلم. «فَحَمَلَتْهُ» أي: حملت مريم بعيسى، قيل: إن جبريل نفخ في جيب قميصها، وقيل: في فيها، فوصلت النفخة إلى بطنها فحملت في الحال، وقيل: نفخ من بعيد نفخاً فوصل الريح إليها فحملت «فَانتَبَذَتْ بِهِ» أي: انفردت به، وقيل: تنحت «مَكَانًا قَصِيًّا» أي: بعيداً من قومها، قيل: لما أحست بالولادة انفردت عن الناس من أهلها، فكتمت أمرها خوفاً أن يرموها بسوء، وقيل: أخبرت أخاها هارون وكان زاهداً، فقال لها تفر من قومها، فتوجها إلى الشام حتى بلغا جذع النخلة، فجاءت إليها لتتفيأ بظلها فأخذها الطلق، واختلفوا في مدة حملها، قيل: ثمانية أشهر وكان ذلك آية؛ إذ لم يعش مولود وضع لثمانية أشهر غيره، وقيل: ستة أشهر، وقيل: ثلاث ساعات، وقيل: ساعة واحدة، قال ابن عباس: ما هو إلا أن حملت فوضعت ولم يكن بين الحمل والانتباذ إلا ساعة؛