التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا 21 فحملته فانتبذت به مكانا قصيا 22 فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا 23 فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا 24 وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا 25}

صفحة 4544 - الجزء 6

  لأنه تعالى لم يذكر بينهما فصلا، يوضحه قوله: (فانتبذت). {فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ} والفاء للتعقيب، وعن مقاتل: حملت به في ساعة، وصُوِّرَ في ساعة، ووضعته في ساعة حين زاغت الشمس من يومها وهي بنت عشر سنين، وقد كانت حاضت حيضتين قبل أن تحمل بعيسى، «فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ» أي: ألجأها، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي. «المخاض» الطلق، وقيل: الحمل «إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ» قيل: كان جذع نخلة يابسة في الصحراء ولم يكن لها سعف، وقيل: كان في الشتاء ولم يكن للنخلة رأس فجعله الله آية، والألف واللام دخلا للعهد لا للجنس، وكانت نخلة معروفة معهودة، وقيل: أنبت اللَّه جذعاً فتعلقت به كما تتعلق المرأة بالمرأة عند وجع الولادة، وقيل: ولدت بناحية بيت المقدس، فلما ولدت «قَالَتْ» مريم «يَا لَيتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا» متروكاً، عن ابن عباس. وقيل: نسياً لا يذكر ولا يعرف، عن قتادة. وقيل: حيضة ملقاة، عن عكرمة، والضحاك، ومجاهد. وقيل: هو السقط، عن الربيع. وقيل: كالشيء الهالك، عن مقاتل. وقيل: يعني: لم أخلق، عن عطاء. وقيل: هو ما نُسِيَ من شيء حقير، وقيل: هي ما تلقيه المرأة من خِوَفِ اعتلالها.

  ومتى قيل: لم تمنت الموت وهو مكروه؟

  قلنا: أما التمني فقيل: لخوف الفضيحة وطعن الناس، وقيل: