التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا 21 فحملته فانتبذت به مكانا قصيا 22 فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا 23 فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا 24 وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا 25}

صفحة 4545 - الجزء 6

  لما أصابها من شدة الطلق، عن الأصم. وقيل: خافت أن يعصي الناس بسببها، وقيل: خافت الذل الذي يلحقها فتمنت الموت.

  وأما تمني الموت فلا يكره إذا كان عن بصيرة كما تمنت هي، وكما روي عن علي #، وقيل: إنها قالت ذلك على وجه الضجر، وقيل: تمنت ألا تكون مشهورة في قومها بتلك الشهرة، ولم تعرف بما عرفت وكانت معروفة بالصلاح، وكثر الخوض في حديثها، وقيل: قالت استحياء من الناس، عن السدي.

  «فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا» قيل: ناداها جبريل، عن ابن عباس، والسدي، والضحاك، وقتادة. وقيل: عيسى، عن مجاهد، ووهب، وسعيد بن جبير، وابن زيد، وأبي علي، والأصم. «أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا» قيل: نهرًا، عن ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير. وقيل: جَدْوَلاً، عن البراء بن عازب، والأصم. وقيل: النهر الصغير، عن إبراهيم، والضحاك، وقتادة. يعني جعل لك نهرًا تشربين منه وتتطهربن من النفاس والولادة، وقيل: السَّرِيُّ عيسى، عن الحسن، وابن زيد، وأبي علي. قال الحسن: كان واللَّه عبداً سرياً أي رفيعاً شريفاً. ومعنى قوله: «تحتك» قيل: جعل النهر يجري تحت أمرها وتمسكه بأمرها، ونظيره قوله: (وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) أي: تحت أمري، وقيل: «تحتك» أي: أسفل منك يجري الماء، وإذا حمل على عيسى فالمعنى ظاهر، وقيل: ضرب جبريل برجله فظهر ماء عذب، وقيل: بل عيسى ضرب برجله فظهر عين ماء تجري {وَهُزِّي إِلَيكِ} أي جري إليك {بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} يقال: الجذع النخلة نفسها، وقيل: