التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا 31 وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا 32 والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا 33 ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون 34 ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون 35}

صفحة 4554 - الجزء 6

  وثانيها: أن يكون تابعاً لعيسى كأنه قيل: ذلك عيسى وكلمته كلمة الحق.

  (وَبَرًّا) عطف على قوله: {وَجَعَلَنِي نَبِيًّا}.

  و {مُبارَكاً} كأنه قال: وجعلني برًا بوالدتي.

  · المعنى: ثم بيّن تعالى تمام كلام عيسى # فقال سبحانه: «وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ» قيل: معلما للخير، عن مجاهد. وقيل: نَفاعًا، وقيل: مباركًا على من تبع ديني، وقيل: ثابتا على دين اللَّه تعالى وطاعته، عن أبي علي. «وَأَوْصانِي» أمرني «بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ» يعني: إقامة الصلاة وأداء الزكاة، وقيل: أراد بالزكاة التطهر من الذنوب، وحكى الأصم عن بعضهم أن كل ما ذكر من الزكاة في المكي فهو الخير كله، وما كان في المدني فهو في المال «مَا دُمْتُ حَيًّا» يعني: ما بقيت حيًّا مكلفا «وَبَرًّا بِوَالِدَتِي» بارًّا بها، وأضافه إليه تعالى؛ لأنه بأمره ولطفه صار كذلك، ولأن من آداب الدين إضافة المحاسن إليه بحسب ما أمر به، وهدى إليه، وأعان على فعله، ولطف فيه، ورغَّبَ بإيجاب الحمد والثواب «وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا» أي: بلطفه تواضعت حتى لم أكن من الجبارين الأشقياء، وقيل: لم ينزلني منزلة الجبارين الأشقياء في العقاب واللعن والذم، عن أبي علي.