قوله تعالى: {وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم 36 فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم 37 أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين 38 وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون 39 إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون 40}
  · المعنى: ثم بيّن تعالى وعيد مَنْ خالف الحق في أمر عيسى # فقال سبحانه: «وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ» أي: هو وحده خالقي وخالقكم، يحتمل ثلاثة أوجه: أن يكون كلام عيسى، أو كلام اللَّه تعالى ابتداء، أو أمر النبي ÷ أن يقول ذلك على ما بينا «فَاعْبُدُوهُ» يعني إذا كان هو الخالق وحده فوجب أن يُعْبَدَ وحده «هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ» أي: طريق واضح بَيِّنٌ، قيل: طريق إلى التوحيد، «مستقيم» قيل: إلى الجنة، وقيل: هذا دين مستقيم «فَاخْتَلَفَ الأحزَابُ» الجماعة منهم «مِنْ بَينِهِمْ» قيل: هم النصارى افترقوا في عيسى فرقاً ثلاثا: اليعقوبية، والنسطورية، والملكية، وقيل: اليهود والنصارى من أهل الكتاب اختلفوا في عيسى، عن قتادة، ومجاهد، وأبي علي. وقيل: هم جميع الكفار تحزبوا على رسول اللَّه ÷، فتظاهروا عليه مع تفرقهم ومخالفة بعضهم بعضاً، عن الأصم. «من بينهم» {مِنْ} للتبعيض لأن منهم من ثبت على الحق «فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كفَرُوا» قيل: الويل كلمة وعيد، وقيل: العذاب «مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ» يعني من مجمع يوم أي: ويل لهم من الفضيحة على رؤوس الجميع يومئذ، وقيل: المشهد المشهود «يَوْمٍ عَظِيمٍ» يوم القيامة، سمي عظيماً لعظم أهواله «أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ» قيل: ما أسمعهم وأبصًرهم به يوم القيامة، ولكن لا ينفعهم، عن الحسن، وقتادة؛ لأنهم يسمعون ما يصدع قلوبهم، ويرون ما يهلكهم