التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا 56 ورفعناه مكانا عليا 57 أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا 58 فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا 59 إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا 60 جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا 61}

صفحة 4580 - الجزء 6

  قلنا: للبيان عن مراتبهم في شرف النسب، فكان لإدريس القرب من آدم وهو جد نوح، وكان إبراهيم من ذرية نوح ممن حملنا مع نوح؛ لأنه من ولد سام بن نوح، وكان إسماعيل وإسحاق ويعقوب من ذرية إبراهيم، ويحيى وزكريا وعيسى من ذرية إسرائيل؛ لأن مريم من ذريته.

  ثم ابتدأ الكلام «وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَينَا» قيل: تم الكلام عند قوله: «إسرائيل» ثم ابتدأ الكلام: «وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا» تقديره: أولئك الَّذِينَ تقدم ذكرهم أنعم اللَّه عليهم، وممن هدينا من الأمم قوم اجتبيناهم، وحذف لدلالة الكلام عليه، عن أبي مسلم. وقيل: بل المراد الأنبياء الَّذِينَ تقدم ذكرهم، يعني: هم ممن هدينا «وَاجْتَبَيْنَا» أي: اخترناهم للرسالة وخصصناهم بها، قيل: اخترناهم من بين الخلق، وهديناهم إلى الحق فاهتدوا.

  ثم بيّن صفتهم، فقال تعالى: «إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ» يعني تقرأ عليهم، قيل: دينه، عن الحسن. وقيل: كتبه المضمنة بحجته، عن الأصم. وقيل:

  آيات الوعيد، وقيل: القرآن، عن ابن عباس. وقيل: ما أعد اللَّه للكفار من النقمات