قوله تعالى: {واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا 56 ورفعناه مكانا عليا 57 أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا 58 فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا 59 إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا 60 جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا 61}
  في الدنيا، وقيل: كل آية من أمر أو نهي أو وعد أو وعيد «خَرُّوا سجدا» يعني وقعوا في السجود لله تعالى «وَبُكِيًّا» أي: باكين؛ لأن آيات اللَّه تورث المؤمنين الرقة والبكاء، فبيّن أنهم مع جلالتهم يبكون عند ذكر آيات اللَّه والوعد والوعيد، وهَؤُلَاءِ العصاة ساهون لاهون مع إحاطة السيئات بهم «فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ» يعني قوم سوء بعد النبيين المذكورين، قيل: هم اليهود ومن تبعهم؛ لأنهم من ولد إسرائيل، وقيل: هم في هذه الأمة، عن مجاهد، وقتادة. وقال مجاهد: وهذا عند اقتراب الساعة وذهاب صالحي أمة محمد ÷ «أَضَاعُوا الصَّلاَةَ» قيل: تركوها، عن محمد بن كعب القرظي. وقيل: أخروها عن وقتها، عن ابن مسعود، وإبراهيم، والقاسم بن مخيمرة، وعمر بن عبد العزيز، والضحاك. «وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ» قيل: المعاصي، وقيل: استحلوا نكاح الأخت من الأب، عن مقاتل. وقيل: استحلوا شرب الخمر وغيره، عن الكلبي. وعن وهب: «فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ» شرابون للقهوات لعابون بالكعبات، ركابون للشهوات، متبعون للذات، تاركون للجمعات، مضيعون للصلوات «فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا» قيل: عذاباً، وقيل: شرًا وخيبة، عن ابن عباس، وابن زيد: ومنه قول الشاعر:
  فَمَنْ يَلْقَ خَيْرًا يَحْمَدُ النَّاسُ أَمْرَهُ ... وَمَنْ يَغْوِ لَا يَعْدَمُ عَلَى الْغَيِّ لَائِمَا
  أي: من يخب، وقيل: هلاكاً، عن أبي مسلم. وقيل: غياً وادٍ في جهنم،