قوله تعالى: {واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا 56 ورفعناه مكانا عليا 57 أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا 58 فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا 59 إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا 60 جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا 61}
  عن ابن عباس، وابن مسعود، وعطاء، وكعب. وقيل: خسراناً، وقيل: آثامًا ومعاصي، عن الأصم.
  ثم بين حال المقلع من ذلك، فقال [سبحانه]: «إِلَّا مَنْ تَابَ» أي: ندم على ما سلف «وَآمَنَ» في مستقبل عمره «وَعَمِلَ صَالِحًا» ما أمره اللَّه تعالى من الطاعات «فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيئًا» أي: لا ينقصون حقهم ولا ينقص مثاب حقًّا، ولا يعاقب معاقب بما لا يستحقه.
  ثم وصف الجنة فقال سبحانه: «جَنَّاتِ عَدْنٍ» أي: جنات إقامة، لا تزول الجنة ولا سكانها «الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عبادهُ» المؤمنين «بِالْغَيبِ» يعني غائبة عنهم لم يروها «إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ» قيل: الوعد يعني الموعود، والموعود يأتي لا محالة، «مَأْتِيًّا» آتياً مفعول أقيم مقام الفاعل، وقيل: «مَأْتِيًّا» مفعولاً، ويجوز في مثل هذا آتياً ومأتيا كما يقول آتيت عليًّا خمسين سنة، وأتت عليّا خمسون سنة.
  · الأحكام: تدل الآية على رفعة إدريس، وقد بينا ما قيل فيه، والأقرب أنه أراد رفعة المنزلة؛ لأنه أدخل في باب التعظيم وإن كان الثاني أقرب إلى الروايات، وقال بعض الفقهاء: إن قوله: «خَرُّوا سُجَّدًا» يدل على وجوب سجدة القرآن؛ لأنه ثبت أن عند التلاوة لا يلزم سجود إلا سجود التلاوة.