قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا 71 ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا 72 وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا 73 وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا 74 قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا 75}
  عليه بقوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ}[القصص: ٢٣] وقال تعالى: {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ}[القصص: ٢٣] فبين أن الورود ليس هو الدخول، وتقول العرب: أَنْ تَرِدَ الماء بماءٍ أكْيَسُ، وقال:
  فَلَمَّا وَرَدْنَ الْمَاءَ زُرْقًا جِمَامُهُ ... وَضَعْنَ عِصِيَّ الْحَاضِرِ الْمُتَخَيِّمِ
  وروي نحو ذلك عن ابن مسعود، والحسن.
  وقيل: الورود الدخول، واستدلوا بقوله تعالى: {فَأَورَدَهُمُ النَّارَ}[هود: ٩٨] وقال: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ}[الأنبياء: ٩٩ - ٩٨].
  ويقال: وَرَدْتُ بلد كذا كذا، والمراد: دخلته، وروي ذلك عن ابن عباس، وجابر. والوجه فيه أنه مستعمل في الوجهين حقيقة، أو حقيقة في أحدهما مجازاً في الآخر، ثم إنهما حقيقة على الخلاف الذي بينا.
  والحتم: القطع بالأمر، وقيل: إحكام الأمر، والحتم: القضاء.
  والنَّدِيُّ: المجلس الذي قد اجتمع فيه أهله، ومثله النادي، ومنه: دار الندوة وهي دار قصي بمكة، وكانوا يجتمعون فيها للتشاور تيمناً به، ويُقال: نَدَوْتُ القوم أَنْدُوهُمْ نَدْواً إذا جمعتهم في مجلس، وهو في ندي قومه وناديهم، وأصله مجلس أهل الندى والكرم، قال الشاعر: