التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا 71 ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا 72 وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا 73 وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا 74 قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا 75}

صفحة 4600 - الجزء 6

  ومتى قيل: فما فائدة ذلك؟

  قلنا: فيه وجوه:

  أحدها: زيادة سرور المُؤْمِنِينَ.

  وثانيها: زيادة غم الكافرين حين رأوا نجاة المؤمنين.

  ومنها: التحذير، كما حكي عن الحسن أنه قال لرجل يضحك: هل علمت أنك وارد النار؟ قال: نعم، قال: فهل علمت أنك خارج منها؟ قال: لا، قال: ففيم هذا الضحك؟! وكان الحسن لم يُرَ ضاحكاً قط حتى مات.

  وسئل جابر بن عبد اللَّه عن الورود فأهوى بأصبعيه إلى أذنيه وقال: صُمَّتَا إن لم أكن سمعت رسول اللَّه ÷ يقول: «الورود الدخول، لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، ثم تكون على المؤمن برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم، ثم ننجي الَّذِينَ اتقوا».

  وثانيها: أن الورود الوصول إليها والإشراف عليها لا الدخول فيها، كقوله: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ}⁣[القصص: ٢٣] وقيل: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ}⁣[الأنبياء: ١٠١] ولأن الهاء كناية عما تقدم، وإنما تقدم ذكر دخول جهنم فيردون ذلك الموضع، وهو قول ابن مسعود، والحسن، وقتادة.

  وعن حفصة أن رسول اللَّه ÷ قال: «إني لأرجو ألا يدخل النار من شهد بدرًا والحديبية» فقالت: أليس اللَّه تعالى يقول: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}؟ فقال ÷