التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا 81 كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا 82 ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا 83 فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا 84 يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا 85 ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا 86}

صفحة 4612 - الجزء 6

  والوِوْدُ: خلاف الصدر، يقال: ورد ورداً إذا ورد الماء.

  ويُقال: لِمَ قال: «يكونون» فجمع ثم قال: «عِزًّا» فوحد؟

  قلنا: لأنه مصدر؛ لا يثنى ولا يجمع كقولهم: خصْمٌ وعَدْلٌ، وكذلك وَحَّدَ قوله: «ضِدًّا».

  · المعنى: ثم بيّن تعالى أن ما اتخذوه من الآلهة لا يغني عنهم شيئاً، فقال سبحانه: «وَاتَّخَذُوا» يعني مشركي العرب «مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً» يعني الأصنام «لِيَكونُوا لَهُمْ عِزَّا» قيل: ليصيروا بهم إلى العز، وقيل: الاعتزاز بأكابرهم واللواذ إليهم، وقيل:

  ليكونوا لهم شفعاء في الآخرة، عن أبي علي. وقيل: لتمنعهم الآلهة ما يكرهونه، عن الأصم. «كَلَّا» أي: لا يكون ما ظنوا؛ بل صاروا به إلى الذل وعذاب اللَّه، وقيل:

  ينطقهم اللَّه يوم القيامة فيتبرؤون منهم «سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ» قيل: إن هَؤُلَاءِ المشركين سيجحدون أن يكونوا عبدوها عندما يرون سوء عاقبتهم، ويقولون {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كنَّا مُشْركِينَ}⁣[الانعام: ٢٣] وقيل: سيجحدون عبادتهم أي: يقرون بأن ذلك ليس بشيء، وقيل: سَيَكْفُرُ ما اتخذوه آلهة بعبادة المشركين لها كقوله: {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ}⁣[القصص: ٦٣] عن أبي علي، وهو الأوجه، وما ذكره