التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا 81 كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا 82 ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا 83 فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا 84 يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا 85 ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا 86}

صفحة 4613 - الجزء 6

  الأصم لا يصح؛ لأن الكذب لا يجوز على أهل الآخرة، وقوله: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كنَّا مُشْركِينَ}⁣[الانعام: ٢٣] عند أنفسنا وفي اعتقادنا، وقيل: هذا في الملائكة عبدها قوم فذكروا ذلك، وقيل: بل في عبادة الأصنام ينطقهم ليتبرؤوا منهم، وقيل: بل رؤساؤهم الَّذِينَ يتبعونهم في الدنيا يتبرأون منهم يوم القيامة «وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا» قيل: أعداء، وقيل: أعواناً في خصومتهم وتكذيبهم، عن مجاهد. وقيل: قرناء في النار يلعنونهم ويتبرأون منهم، عن قتادة. «أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ» قيل: أراد خلينا بينهم وبين الشياطين إذا وسوسوا إليهم ودعوهم إلى الضلال، قال أبو علي: وهو مجاز، وقيل: توسع، كما يقال لمن خلى بين الكلب وبين غيره أرسل كلبه عليه، وقيل: سَلَّطْنَاهُ عليهم وأغويناهم به، وليس بشيء؛ لأنه لو كان كذلك لكان الكافر بقبوله من الشيطان مطيعاً له، كما أن المؤمن بقبوله من الرسول مطيع له «تَؤُزُّهُمْ أَزًّا» قيل: تزعجهم إزعاجاً من الطاعة إلى المعصية، عن ابن عباس. وقيل: تغريهم، عن سعيد بن جبير. وقيل: تأمرهم بالمعاصي، عن الضحاك. وقيل: تهزهم وتَجُرُّهم ومعناه الحث والبعث على الكفر، عن أبي مسلم.

  «فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا» قيل: لا تعجل في إهلاكهم لتستريح منهم فإن لهم أمداً مضروباً واللَّه تعالى يعد أيامهم عداً حتى إذا كملت أخذهم، وقيل: يعد عليهم الأيام والليالي والشهور والسنين، عن الكلبي. وقيل: يعد عليهم الأنفاس.