التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وهل أتاك حديث موسى 9 إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى 10 فلما أتاها نودي ياموسى 11 إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى 12 وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى 13 إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري 14 إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى 15 فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى 16}

صفحة 4644 - الجزء 6

  آتِيَةٌ» يعني القيامة قائمة لا محالة فأذكرك إذا صليت وأجازيك فاحذرها «أَكَادُ أُخْفِيهَا»

  و (أكاد): صلة، وقيل: أكاد: أريد كقوله: {كِدْنَا لِيُوسُفَ}⁣[يوسف: ٧٦] أي: أردنا، عن أبي مسلم. وقيل: «أُخْفِيهَا» بضم الألف أي: أظهرها ولم أظهرها، والأول الوجه، وهو حقيقة الكلام، وقيل: إذا كان بفتح الألف فهو الإظهار، وإذا كان بضمها فهو الإسرار، يقال: أخفيت الشيء: أظهرته، وأخفيته: سترته، وقول من قال: «أخفيها» بمعنى يخفى عليه، ليس بشيء لأنه عالم لذاته، وقيل: أظهر شرائطها.

  ومتى قيل: فلم أَخْفَى وقتها؟

  فجوابنا: ليكونوا على حذر من هجومها؛ إذ لو بين وقتها لكان إغراء بالمعصية ففيه لطف لنا.

  ثم بين الغرض بالقيامة، فقال سبحانه: «لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى» بما تعمل من خير أو شر، ولينتصف من الظالم للمظلوم «فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا» أي: لا يصرفنك عن الساعة من لا يؤمن بالساعة، عن أبي مسلم. فرجع الضميران على شيئين تقدم ذكرهما، وقيل: لا يمنعك عن الإيمان بالساعة من لا يؤمن بالساعة، وقيل: عن [أن تعود إلى] ما أمرت به من الرسالة، وقيل: عن الطاعة، وقيل: عن هذه الخصال «مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا» قيل: بالصلاة، وقيل: بالساعة، وقيل: بالرسالة «وَاتَّبَعَ