التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وهل أتاك حديث موسى 9 إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى 10 فلما أتاها نودي ياموسى 11 إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى 12 وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى 13 إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري 14 إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى 15 فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى 16}

صفحة 4645 - الجزء 6

  هَوَاهُ فَتَرْدَى» أي: تهلك، فنبه أنه لا محاباة عنده، وأن موسى لو صد عن ذلك لهلك.

  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى كلم موسى، وأن كلامه محدث، وأنه حلَّ الشجرة، ولأنها حروف منظومة، ولأنه يستحيل أن ينادي موسى بخلع نعله وليس ثم موسى ولا نعل.

  وتدل على أن موسى صار نبياً في تلك البقعة، وإنما علم موسى أنه كلامه تعالى لما رأى من المعجزات في النار وفي الكلام في الشجرة وغير ذلك.

  وتدل على أن الواجب البداية بالدعاء الى التوحيد.

  وتدل على أنه كان متعبداً بالصلاة.

  وذكر علي بن موسى القمي أن الآية تدل على وجوب الصلاة عند التذكير، وإذا نسي لم تجب ما لم يَذْكُرْ، وروي مثل ذلك في خبر مرفوع، وهو في شريعتنا كذلك.

  وتدل على أن وقت الساعة لا يعلمه غيره تعالى لطفاً لعباده.

  وتدل على أن أحداً لا يعذب بسعي غيره، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في الجزاء وأطفال المشركين.

  ويدل قوله: {فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا} أن الصد فعل العبد، وأنه لا يخلق أفعال العباد

  إذ لو كان مخلوقاً له لكان الصد من جهته، وكذلك قوله: {بِمَا تَسْعَى} وقوله:

  {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} كل ذلك يدل على صحة قولنا في المخلوق.