قوله تعالى: {قال قد أوتيت سؤلك ياموسى 36 ولقد مننا عليك مرة أخرى 37 إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى 38 أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني 39 إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر ياموسى 40}
  فرعون ممن قرأ في الكتب، وقيل: من الكهنة، وقيل: رأى رؤيا فعبر له أن زوال ملكه على يدي رجل من بني إسرائيل، فأخذ في ذبح الأولاد وشدد في ذلك، ووكل بكل حامل قبطيا يحفظها، فلما قرب ولادة موسى جعلته أمه في التابوت وألقته في اليم، وقيل: الذي صنع التابوت مؤمن آل فرعون اسمه: حِزْقِيلُ، عن مقاتل. «فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ» أي: في البحر، قيل: هو نِيلُ مصر «فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ» يعني شاطئ البحر، وقد بينا أنه أَمْرٌ، والمراد خبر، يعني حتى يلقيه اليم إلى الساحل «يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ» لموسى وهو فرعون، وقيل: هو عدوه في الحال وإن لم يعرفه بعينه، وقيل: يصير عدوا له في المستقبل، ففعلت ذلك، فمرت بدار فرعون فأخذ التابوت وفتحه فإذا فيه صبي، قال تعالى: «وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي» قيل: جعلتك. محبباً بحيث يحبك من يراك، فرآه فرعون فأحبه، ورأته امرأة فرعون فأحبته، فرباه في حجره وأحسن إليه وإلى أمه ليكون أسخن لعينه، وأعظم منة على موسى، وقيل: أحبه