قوله تعالى: {قال قد أوتيت سؤلك ياموسى 36 ولقد مننا عليك مرة أخرى 37 إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى 38 أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني 39 إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر ياموسى 40}
  وأحببه إلى خلقي، وقيل: جعله مسحة من جمال لا يصبر عنه من راه، عن عطية العوفي. وقيل: كان في عينيه ملاحة ما رآه أحد إلا أحبه، عن قتادة. «وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي» أي: لتغذى على محبتي وإرادتي، عن قتادة. وتقديره: ولتربى وأنا أراك يجري أمرك على ما أريد بك من الرفاهة، وقيل: مع تربيتهم إياه أَحْفَظُهُ وأحرسه من كل سوء، وهذا من فصيح الكلام، عن أبي مسلم. وقيل: لتربى وتطلب لك الرضاع على علم مني ومعرفة؛ لتصك إلى أمك، عن أبي علي. وقيل: امتنع أن يقبل ثدي أحد إلا ثدي أمه فدلت عليها أخته «إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ» قيل: بعثتها أمه لتنظر إلى حال التابوت، وكان الناس يدخلون ولا يمنعون، «فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ» لما امتنع من قبول ثدي كل أحد قالت أخته - واسمها مريم -: هل أدلكم على امرأة تضمه وتربيه وترضعه وهي ناصحة له؟ فقالوا: نعم، فجاءت بالأم فقبل ثديها، فذلك قوله: «فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ» أي: رجعناك إليها «كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا» بررؤيته وبقائه «وَلاَ تَحْزَنَ» من خوف قتله أو غرقه، وذلك أنه حمل إلى بيتها آمنة مطمئنة «وَقَتَلْتَ نَفْسًا» قيل: قبطياً كافرًا، عن ابن عباسٍ. وقيل: حين قتله كان ابن اثنتي عشرة سنة، عن كعب. وقيل: كان ذلك قتل خطأ فيما يروى عن النبي صلى اللَّه عليه «فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ» أي: غم القتل وكربه؛ لأنه خاف من السلطان أن يقتص منه بالقبطي، وقيل: لأنه لم يعلم الحكم في القتل قبل مبعثه، فخاف وعيد اللَّه، فنجاه اللَّه بأن عفا عنه «وَفَتَناك فُتُونًا» قيل: اختبرناك اختبارًا، عن ابن عباس، وقتادة،